من الصحف

بكركي لن تقبل بغير ماروني على رأس الجيش... و"كفى استكباراً"

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"كان من المتوقَّع أن يرفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الصوت قبل حلول موعد انتهاء ولاية قائد الجيش العماد #جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل.

وفي حال حصول هذا الأمر وعدم التمديد للرجل ستتجرّع #بكركي الكأس الثالثة من عدم وجود ماروني في رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف #لبنان وقيادة الجيش. ولا تنطلق مواقفها هذه من باب الحفاظ على المناصب التي يشغلها الموارنة بل من حرصها على انتظام المؤسسات وتسيير أعمالها حيث لن تهضم ولن تتقبل حصول أزمة في المؤسسة العسكرية على أساس أنها تهم كل اللبنانيين. وإذا لم يُمدَّد لجوزف عون، فإن مواقف بكركي آخذة نحو التدحرج وإعلاء الصوت أكثر.

ولا تخفي هنا حلقة من السياسيين المجربين الذين يدورون في فلك بكركي ويعبّرون عن هواجسها أن مشاركة طائفتهم في صناعة القرار السياسي في البلد لم تعد فاعلة إن لم تصل إلى حدود العدم في القضايا الكبرى. ولا يقللون في الوقت نفسه من الانقسامات التي تسيطر على الجسم السياسي المسيحي وخصوصاً بين أكبر قوتين لدى هذا المكوّن "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر".

ويقول لسان حال الموارنة الذين يلتقون مع بكركي من البعيدين عن الحرب المفتوحة بين أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين إن الموارنة عامة يشعرون بعدم مشاركتهم في السلطة واتخاذ القرار، وإن ما أطلقه الراعي أخيراً جاء نتيجة جملة من التراكمات التي بدأت بعدم تمكن البرلمان من انتخاب رئيس الجمهورية بعد مرور سنة على الشغور المفتوح في الرئاسة الأولى. وإن تغييب طائفة في هذا الحجم عن المشاركة في إدارة سياسات الدولة لا يصبّ في مصلحة قواعدها وكل اللبنانيين، والخيار الأمثل للخروج من هذه الأزمة هو توجّه البرلمان إلى جلسات انتخاب مفتوحة وليتحمّل الجميع مسؤولياتهم حيال هذا الاستحقاق والحد من تعطيله. وإن سياسة "ماشي الحال" من دون وجود رئيس للجمهورية التي يتبعها البعض ويقبل بها لا تستقيم، بل على العكس، ستولّد المزيد من الأزمات. وإن لم يُتمكّن من انتخاب رئيس فإن هذا لا يعني أن ينسحب الأمر على قيادة الجيش وأن لا يجري تصوير هذا المعطى السلبي كأنه بكاء على منصب حاكم مصرف لبنان مع الإشادة بأداء الحاكم بالإنابة وسيم منصوري.

ويبقى أخطر ما أرادت بكركي في رسالتها الأخيرة التحذير منه هو القول إن تهميش الموارنة بهذه الطريقة مسألة لن تُهضَم ولا تُقبَل ولا يُسلَّم بها. وهذا الاعتراض لا ينبع من وجود اللواء بيار صعب الكاثوليكي أو تعيين رئيس أركان درزي. وتقول مصادر مسيحية مواكبة في رسالة إلى كل من يهمه الأمر في الحكومة والبرلمان: "كفى استكباراً ضد الموارنة وما يمثلونه في الدولة"، وإن ممارسة سياسة القوة حيالهم لن تجلب إلا المزيد من الانقسامات وضرب الميثاقية في البلد. لذلك لن تسكت بكركي عن استمرار هذا التعاطي مع المسيحيين على هذا المنوال، ولا ينقصها إلا القول بعد بأنها لن تقبل بغير ماروني في قيادة الجيش. ولا تقلل المصادر هنا المساندة لرؤية الراعي أنه إذا سُدّ أفق التمديد لقائد الجيش عن طريق الحكومة فانه يامل ان يقدم رئيس تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل إلى الطلب من وزير الدفاع الوطني موريس سليم العمل على تأجيل تسريح جوزف عون إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وتعيينها قائد جديد على رأس المؤسسة العسكرية. وتكمن المعضلة هنا في رفض باسيل (يلتقي مع سليمان فرنجية) القبول بهذا الطرح لأنه ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يخرج فيه جوزف عون من مكتبه في اليرزة التي تطل على قصر يدغدغ طموح الكثيرين من الموارنة.
في موازة ذلك، لم يصدر عن قائد الجيش أي موقف حيال كل الضجيج المفتوح حيال التمديد له وتصويره بأنه عمد إلى استنفار مجلس المطارنة الموارنة وإظهاره كأنه "شكّل غرفة عمليات" لهذه الغاية. وثمة من ينبه هنا إلى موقع الرجل ودوره في هذا التوقيت وإشرافه على إدارة المؤسسة، لا سيما في ظل الظروف المالية الصعبة التي تعيشها في السنوات الأخيرة.

في المقابل، ثمة أصوات نيابية من بينها من المسيحيين الذين لا يرون أن صرخة بكركي الأخيرة قد تصل إلى ما تريده في محاولة سعيها إلى التمديد لقائد الجيش. ويستند أصحاب هذا الموقف إلى أنه لا تمديد لأي شخص من دون قانون. وإذا عقدت جلسة تشريعية وكان على جدولها هذا الموضوع "فليكن رقمه 40 أو 41". وأن بكركي ليست المرة الأولى التي تفتح ملفاً ولا تعرف الخروج منه أو تحقيق المبتغى منه. وثمة أمثلة عدة على ذلك في تعاطيها مع ملف انتخابات الرئاسة الأولى. ويسألها نواب هنا: "ماذا حققت في حملها لواء ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور" فضلاً عن وضعها لائحة من المرشحين.

وتردّ جهات لا تلتقي مع طرح التمديد لقائد الجيش بالقول إن ما المشكلة إذا ذهب الرجل إلى منزله رغم أهمية المؤسسة التي يديرها وحساسيتها، فبالأمس انتهت ولاية الحاكم رياض سلامة وحل مكانه منصوري من الطائفة الشيعية. وأنهى اللواء عباس إبراهيم ولايته في مديرية الأمن العام وحل مكانه بالإنابة اللواء الياس البيسري الماروني "ولا مشكلة في ذلك".

في غضون ذلك، لا مشكلة عند أصحاب الرأي الأخير أن تجري الحكومة سلّة تعيينات كاملة في المجلس العسكري ومن بينها رئيس للأركان في طبيعة الحال ومن دون حسم أن تشمل هذه المحاولة تعيين قائد للجيش مع التوقف عند مسألة إلزام الرئيس المقبل من اليوم باسم من يكون على رأس المؤسسة العسكرية، حيث لن يكون هذا الأمر مستحبّاً عند أكثر الموارنة، حيث لن تسلم بكركي بتغييب طائفتها عن القرارين السياسي والعسكري.